يتميز أهل الكويت بعادات وتقاليد رمضانية، مازالوا يحرصون على إحيائها كلما حل الشهر الفضيل، فقد دأبوا في الماضي على استقبال الشهر بإحياء ليله وصيام نهاره، وفي كل يوم خميس كانوا يوزعون الطعام على الفقراء احتفاءً بليلة الجمعة التي تسمى في موروثهم الثقافي ليلة "النافلة" ويطلق الأطفال أهازيج رمضان في أول أيامه، وفي منتصفه يحتفون ب "القيرقيعان"، وطوال أيامه تبرز شخصية "بوطبيلة" الذي يطوف على البيوت، وهو يقرع الطبل مردداً كلمات "قوم ياصايم واطلب ربك الدايم".
ويقول الشيخ أحمد القطان الداعية الإسلامي: لقد كان أهل الكويت قديماً يتباهون بعدد الختمات التي يتمونها خلال شهر رمضان، حيث كان بعضهم يختم القرآن ست أو سبع مرات، وبعضهم كان يتفرغ لقراءة القرآن، ويختمه مرة كل يومين أو ثلاثة، وكانوا يحيون ليل رمضان بصلاة التراويح والقيام، وكانت الدروس الدينية تعقد في المساجد بعد صلاة العصر، كما كانوا يتسابقون لإطعام الفقراء في المساجد.
وأضاف الشيخ القطان: والمفطر في رمضان كان يلقب ب "كلب رمضان" فعندما ينتهي شهر الصوم يحوم حول الصائمين، وهم يفطرون وكأنه منبوذ أو غريب على تقاليدهم، فيشعر بالحسرة والندم، مشيراً إلى أن جميع أفراد الأسرة كانوا يصومون بمن فيهم الأطفال في سن السابعة والثامنة، وكانوا يتباهون بصيامهم، ولكي يؤكد الواحد منهم صيامه للآخر كان يخرج لسانه، فإن كان أبيض فهذا يعني أنه صائم وإن كان أحمر فهو مفطر!.
النافلة والغبقة
ومن عادات الزمن الجميل كما يقول الكاتب الصحفي يوسف عبد الرحمن ليلة "النافلة" حيث كان المجتمع الكويتي برجاله ونسائه وأطفاله يعيشون حالة من الفرح والبهجة لقدوم هذا الشهر، فالجميع يصوم النهار ويقوم الليل طاعة وعبادة، وفي يوم الخميس من كل أسبوع توزع الأطعمة والحلويات والأشربة على الفقراء والمساكين، وكانوا يسمون ليلة الجمعة بليلة "النافلة" حيث يتنافسون على تلاوة القرآن ويتباهون بعدد الختمات خلال الشهر.
وأضاف عبد الرحمن: ومع حلول رمضان تتجلى فرحة الأطفال وابتهاجهم حيث يطلقون الأهازيج الشعبية ويحتفلون بالقيرقيعان، وعند غروب الشمس يجتمعون بالقرب من مدفع الإفطار فيما يعرف في التراث الكويتي ب "الواردة" وما يكاد ينطلق المدفع حتى يأخذوا في التهليل.
وقال إن "الغبقة" أيضاً عادة عريقة وتقليد قديم لدى الأسرة الكويتية، وهي تقام بعد صلاة التراويح للزوار الذين يذهبون للمباركة بمناسبة الشهر الفضيل، وأكلاتها تتضمن أنواعاً متعددة من الفطائر والكبة والسلطات والحلويات والتمور، وكذلك مشاريبها تتنوع بين القهوة العربية وقمر الدين والشاى، وبمرور الوقت أصبحت الغبقة من تقاليد المطاعم والفنادق.
ويعتبر "القيرقيعان" من أشهر العادات الرمضانية التي يحتفل بها الكويتيون في الرابع عشر والخامس عشر من الشهر المبارك حيث يتجمع الأطفال مرتدين زياً خاصاً، عقب الإفطار على شكل مجموعات لكل منها قائد، ويطوفون على البيوت وهم يدقون الطبول منشدين الأهازيج للحصول على "القيرقيعان" وهو خليط من الحلوى والمكسرات المتنوعة، وقد تحولت هذه العادة إلى مناسبة تنفق لأجلها آلاف الدنانير.
وقد اعتاد الكويتيون على إقامة بعض الليالي الرمضانية في "البر" حيث يقيمون الخيام في الصحراء .
وخلال العشر الأواخر من رمضان تشهد مساجد الكويت تظاهرة إيمانية، تتجلى في صلاة القيام التي تبدأ بعد منتصف الليل وحتى قرب صلاة الفجر، ويشهدها الرجال والنساء على السواء، ويؤم عشرات الآلاف من المصلين مسجد الدولة الكبير لأداء صلاة القيام أكبر مساجد الكويت حيث يستضيف المسجد مشاهير القراء والشيوخ والعلماء، للصلاة بالمسلمين وإلقاء المحاضرات والدروس.
واحتراماً لقدسية شهر رمضان ينص القانون رقم 44 لسنة 1968 المجتمع بتوقيع العقوبة بغرامة لا تتجاوز مائة دينار (حوالي 330 دولاراً) وبالحبس مدة لاتتجاوز شهراً، أو بإحدى العقوبتين على كل من جاهر في مكان عام بالإفطار في نهار رمضان، وكل من أجبر أو حرض أو ساعد على تلك المجاهرة، مع جواز إضافة عقوبة غلق المحل العام الذي يستخدم لهذا الغرض، كما يعاقب المسؤول عن إدارة المحل العام.
وتشهد الكويت خلال أيام شهر رمضان نشاطاً خيرياً مكثفاً حيث تقوم اللجان والجمعيات الخيرية بجمع التبرعات وعرض مشاريعها الخيرية على المحسنين، واستثمار العاطفة الإسلامية الجيدة والأجواء الإيمانية التي يعيشها المسلمون في تقديم العون والمساعدة للفقراء واليتامى والأرامل في مختلف أنحاء العالم الإسلامى.